عالم من الخراب
في نهاية الحرب،كان هناك ملايين اللاجئين المشردين، إنهار الاقتصاد الأوروبي ودمر 70% من البنية التحتية الصناعية فيها.
طلب المنتصرون في الشرق أن تدفع لهم تعويضات من قبل الأمم التي هزمت، وفي معاهدة السلام في باريس عام 1947، دفعت الدول التي عادت الاتحاد السوفييتي وهي المجر، فنلندا ورومانيا 300 مليون دولار أمريكي (بسعر الدولار لعام 1938) للاتحاد السوفييتي. وطلب من إيطاليا أن تدفع 360 مليون دولار تقاسمتها وبشكل رئيس اليونان ويوغوسلافيا والاتحاد السوفييتي.
على عكس ما حدث في الحرب العالمية الأولى، فإن المنتصرين في المعسكر الغربي لم يطالبوا بتعويضات من الأمم المهزومة. ولكن على العكس، فإن خطة تم إنشاؤها على يد سكرتير الدولة جورج مارشال، سميت "برنامج التعافي الأوروبي" والمشهور بمشروع مارشال، وطلب من الكونجرس الأمريكي أن يوظف مليار دولار لإعادة إعمار أوروبا، وذلك كجزء من الجهود لإعادة بناء الرأسمالية العالمية ولإطلاق عملية البناء لفترة ما بعد الحرب، وطبق نظام بريتون وودز الاقتصادي بعد الحرب.
و كان الهدف من الاصلاحات الأمريكية بأوروبا هو كسب دعم الدول الاوربية للقطب الغربي ومساهمتها في منع انتشار الشيوعية باروبا، خصوصا بعد ظهور مظاهر الحرب الباردة بزعامة الاتحاد السوفياتي -القطب الشرقي- و الولايات المتحدة الأمريكية-القطب الغربي-ابتداءمن سنة1946 ،اضافة إلى ان الاصلاحات كانت تهدف إلى اصلاح العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول المنهزمة في الحرب العالمية الثانية عكس الاتحاد السوفياتي الدي كان يطمح في فكرة الانتقام من دول المحور التي كبدت الاتحاد السوفياتي خسائر بشرية واقتصادية فادحة كماان هذه الاصلاحات تعتبر من العوامل الاساسيةللقرن20 التي حافظت على النظام الراسمالي بأوروبا الغربيةواعتبرت من العراقيل التي حالت دون انتشار الشيوعية بأوروبا الغربية ومستعمراتها بافريقية أدت الحرب أيضاً إلى زيادة قوة الحركات الانفصالية بين القوى الأوروبية، والمستعمرات في أفريقيا، آسيا وأمريكا، وحصل معظمها على الاستقلال خلال العشرين عاما التي تلت.
تم إنشاء الأمم المتحدة كنتيجة مباشرة للحرب العالمية الثانيةالامر الذى ادى الى سيطرة جديده على العالم من جهة الدول المنتصرة على الشعوب الاخرى المنهزمه منها ولضعيفه
بدء الحرب الباردة
المقال الرئيسي: الحرب الباردة
يرى العديدون أن نهاية الحرب العالمية الثانية كانت نهاية بريطانيا كقوة عظمى في العالم، وبداية لتحول الولايات الأمريكية المتحدة والإتحاد السوفييتي لأكبر قوتين في العالم. كانت الاختلافات تتنامى بين هاتين القوتين قبل نهاية الحرب، وبانهيار ألمانيا النازية تدنت العلاقات بينهما إلى الحضيض.
في المناطق التي احتلتها قوات الحلفاء الغربية، تم إنشاء حكومات ديمقراطية؛ وفي المناطق المحتلة من قبل القوات السوفييتية، من ضمنها أراضي حلفاء سابقين كبولندا، أنشئت حكومات شيوعية وصفت بأنها شكلية، واعتبر البعض وخاصة في تلك الدول الشرقية بأنه ذلك خيانة من قبل قوات الحلفاء لهم. وكان الكثيرون في الغرب قد إنتقدوا ذلك معتبرين بأن معاملة روزفلت وتشرتشل لستالين وكأنه حليف ديمقراطي ولاموهم لتعاملهم مع ستالين في يالطا بذات الشكل من المهادنة الذي عومل به هتلر قبل الحرب، وبالتالي عدم تعلمهم من الخطأ السابق وتسليمهم شرق أوروبا للشيوعيين.(تشرتشل ذاته قال بعد بدء الحرب الباردة ما معناه "قتلنا الخنزير الخطأ.")
قُسّمت ألمانيا إلى أربع مناطق محتلة، جُمعت الأمريكية والبريطانية والفرنسية لتشكل ما عرف بألمانيا الغربية، وعرفت المنطقة السوفييتية بألمانيا الشرقية. تم فصل النمسا عن ألمانيا وقسمت هي الأخرى لأربعة مناطق محتلة، والتي عادت لتتحد لاحقا مكونة الدولة النمساوية الحالية. وكوريا أيضا تم تقسيمها على خط عرض 38 شمال.
كانت التقسيمات غير رسمية؛ ولكنها كانت توضح مناطق التأثير، وساءت العلاقات بين المنتصرين بشكل مستمر لتصبح خطوط التقسيم أمرا واقعا وتمثل الحدود الدولية. وبدأت الحرب الباردة، وبسرعة أصبح العالم منقسما إلى حلفين، حلف الناتو وحلف وارسو مع بقاء بعض دول المعروفة بدول عدم الانحياز اشهرها مصر والهند.
أثر الحرب العالمية الثانية على الوطن العربي
خلال الحرب وقفت البلدان العربية بجانب الحلفاء في مواجهة الدول الدكتاتورية . كانت تونس والمغرب وموريتانيا تحت الاستعمار الفرنسي فيما اعتبرت فرنسا الجزائر أرضا فرنسية وقد فرضت فرنسا على جميع الدول العربية التي كانت تسيطر عليها سياسة الفرنسة وجندت شباب العرب في جيشها وظلت فرنسا إلى ما بعد سقوطها بيد الألمان تسيطر على مستعمراتها أما مصر فقد كانت تحت النفوذ البريطاني بموجب معاهدة 1936 وقد امتد ليشمل ليبيا بعد طرد الإيطاليين والألمان منها بعد هزيمتهم في معركة العلمين . كانت المملكة العربية السعودية واليمن مستقلتين وظلتا على الحياد فيما كانت بريطانيا تسيطر على جنوب الجزيرة وعلى معظم مناطق الخليج لكن لم تصل الحرب إلى الخليج العربي لكنه أصبح طريق مرور للمساعدات الأمريكية والبريطانية إلى الاتحاد السوفييتي عبر إيران . وقعت بريطانيا مع العراق معاهدة 1930 التي تمنحهم حق إقامة قواعد عسكرية فيه وخلال الحرب قام رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني بثورة أبريل 1941 ضد بريطانيا بالتعاون مع الألمان لكن البريطانيين قضوا على ثورته واحتفظوا بوجودهم في البلاد . بعد سقوط فرنسا خضع لبنان وسوريا لسيطرة حكومة فيشي الموالية لألمانيا ولكن في مطلع صيف 1941 استولى الحلفاء على البلدين وانتقل الحكم فيهما إلى حركة فرنسا الحرة التي يتزعمها الجنرال ديغول . أعلنت حركة فرنسا الحرة استقلال سوريا في سبتمبر 1941 ثم استقلال لبنان في 26 نوفمبر 1941 لكن هذا الاستقلال ظل اسميا واستمر الحكم الفعلي بيد الفرنسيين وطالب الشعبان باستقلال صحيح فتحقق لهما الاستقلال سنة 1943 واستكمل اللبنانيون والسوريون استقلالهم باستلام المصالح التي يديرها الفرنسيون وتحقيق جلال الجيوش الفرنسية عن أراضيهم سنة 1946 . وبرغم الظروف العسكرية الضاغطة انتهز العرب فرصة هزيمة الحلفاء في بداية الحرب ليجهروا بمطالبهم الاستقلالية فلجأ الحلفاء في أكثر من منطقة إلى إغداق الوعود إليهم من أجل امتصاص النقمة الداخلية التي لاقت دعما كبيرا من الألمان الذين دخلوا بدورهم بعض المناطق العربية وأحدثوا فيها تغييرات سياسية وعسكرية لمصلحتهم وخصوصا في العراق وشمال أفريقيا . ومع ظهور انتصار الحلفاء في المرحلة الثانية من الحرب راحت وعودهم للعرب بالاستقلال تتلاشى وازدادت ممارستهم القمعية وتشددوا في حكمهم للمناطق العربية المستعمرة مما كان له أبعد الأثر في ردود فعل العرب المناهضة لهم .
حدثت في العالم بعد الحرب العالمية الثانية تغيرات سياسية كبرى تمثلت في أفول النجم الأوروبي وبروز الجبارين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي اللذين سيطرا على المقدرات السياسية للعالم وقامت هيئة دولية جديدة على أسس واضحة ترعى السلام وحقوق الإنسان وتدعم تحرر البلدان الخاضعة للاستعمار . تلك هي منظمة الأمم المتحدة التي أصبحت منبرا لكل النزاعات الدولية وقد ساعد ذلك الدول المستعمرة ومنها الدول العربية في كفاحها من أجل التحرر والاستقلال فلجأ العرب إلى كافة السبل الدبلوماسية والعسكرية لنيل استقلالها والتحرر من السيطرة الخارجية وانتهى ذلك باستقلال بعض الدول العربية التي راحت تدعم شقيقاتها التي كانت ما تزال تقاوم الاستعمار .
بدأت تظهر ملامح تضامن عربي فعال عبر التفكير بقيام هيئة عربية توحد الموقف العربي فجرب اتصالات بين الدول العربية المستقلة في ذلك الوقت وانعقد مؤتمر في الإسكندرية سنة 1944 ضم مصر وسوريا ولبنان والعراق والسعودية واليمن وشرق الأردن وتم على إثره وضع بروتوكول الإسكندرية الذي مهد لقيام جامعة الدولة العربية سنة 1945 فجعل مقرها في القاهرة وراحت الدول العربية الأخرى تنضم إليها تباعا بعد استقلالها .
ومن مساوئ الحرب العالمية الثانية على الوطن العربي ظهور قضية جديدة شغلت وما تزال تشغل الحيز الأكبر من اهتمام العرب الذين جندوا لها الكثير من طاقاتهم هي القضية الفلسطينية فقد كانت بريطانيا قد شجعت على دخول اليهود إلى فلسطين خلال فترة الانتداب بهدف تطبيق وعد بلفور الذي نص على إعطائهم وطنيا قوميا في فلسطين فأدى ذلك إلى صراع بين العرب واليهود . وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رفعت بريطانيا النزاع العربي اليهودي في فلسطين إلى هيئة الأمم المتحدة وبدأت مأساة الشعب الفلسطيني عندما أقرت هيئة الأمم تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية في سنة 1947 . وفي سنة 1948 أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل فهب العرب إلى منع ذلك ودخلت جيوشهم إلى المناطق التي احتلها اليهود لكن مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم أعلن الهدنة بين الطرفين المتقاتلين فسمح ذلك للصهاينة بفرض الأمر الواقع وتكريس الكيان الصهيوني جسما غريبا في قلب الوطن العربي يعمل على تهجير الشعب الفلسطيني وتهديد أمن العرب .