club_boghari مدير المنتدى
عدد المساهمات : 856 تاريخ التسجيل : 10/12/2008 البلد : الجزائر
| موضوع: حديث جامع الأربعاء 22 يوليو 2009 - 13:14 | |
| عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ. وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللّهِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرّمَ الْفَواحِشَ. وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبّ إِلَيهِ الْعُذْرُ مِنَ اللّهِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرّسُلَ" . رواه مسلم.
جمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها، وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والإحسان، والله سبحانه-مع شدة غيرته- يحب أن يعتذر إليه عبده، ويقبل عذر من اعتذر إليه، وأنه لا يؤاخذ عبيده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر إليهم، ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذاراً وإنذاراً، وهذا غاية المجد والإحسان ونهاية الكمال. فإن كثيراً ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه، ومن غير قبول لعذر من اعتذر إليه، بل يكون له في نفس الأمر عذر ولا تدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره، وكثير ممن يقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طرق المعاذير، ويرى عذراً ما ليس بعذر، حتى يعتذر كثير منهم بالقدر، وكل منهما غير ممدوح على الإطلاق. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن من الغيرة ما يحبها الله، ومنها ما يبغضها الله، فالتي يبغضها الله الغيرة في غير ريبة) الحديث. وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر، فيغار في محل الغيرة، ويعذر في موضع العذر، ومن كان هكذا فهو الممدوح حقا. ولما جمع الله سبحانه صفات الكمال كلها كان أحق بالمدح من كل أحد، ولا يبلغ أحد أن يمدحه كما ينبغي له، بل هو كما مدح نفسه وأثنى على نفسه، فالغيور قد وافق ربه سبحانه في صفة من صفاته، ومن وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامها، وأدخلته على ربه، وأدنته منه وقربته من رحمته، وصيرته محبوباً، فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء، عليم يحب العلماء، قوي يحب المؤمن القوي، وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف، حي يحب أهل الحياء، جميل يحب أهل الجمال، وتر يحب أهل الوتر. ومن عقوبات الذنوب: أنها تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن، فالغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة، كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد، وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على الأمة، والله سبحانه أشد غيرة منه، كما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه. والله أغير مني . وفي الصحيح أيضاً أنه قال في خطبة الكسوف: يا أمة محمد ما أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته . وكلما اشتدت ملابسة العبد للذنوب خرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس. وقد تضعف في القلب جدًّا حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك. وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح، بل يحسن الفواحش والظلم لغيره، ويزينه له، ويدعوه إليه، ويحثه عليه، ويسعى له في تحصيله. ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله والجنة حرام عليه، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه له، فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة. وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش. وعدم الغيرة تميت القلب فتموت له الجوارح، فلا يبقي عندها دفع ألبته. ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلاً، ولم يجد دافعاً، فتمكن فكان الهلاك، نسأل الله السلامة والعافية. | |
|
محمد الهادي عضو نشط
عدد المساهمات : 214 تاريخ التسجيل : 18/07/2009
| موضوع: رد: حديث جامع الثلاثاء 25 أغسطس 2009 - 16:49 | |
| شكرا | |
|