عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، يَبْدَأُ فَغَسِلَ يَدَيْهِ، ثُمّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمّ تَوَضّأَ وُضوءاً لِلصّلاَةِ، ثُمّ فَيَأْخُذُ الْمَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي شَعْرِ رَأْسِهِ، حَتّى إِذَا رَأَى أَن قد اسْتَبْرَأَ، حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ، ثُمّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. رواه مسلم.
كمال غسل الجنابة أن يبدأ بغسل كفيه ثلاثاً قبل إدخالهما في الإناء، ثم يغسل ما على فرجه وسائر بدنه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله، ثم يدخل أصابعه كلها في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره في رأسه ولحيته، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ويتعاهد معاطف بدنه كالإبطين وداخل الأذنين والسرة وما بين الأليتين وأصابع الرجلين وعكن البطن وغير ذلك فيوصل الماء إلى جميع ذلك، ثم يفيض على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات يدلك في كل مرة ما تصل إليه يداه من بدنه، وإن كان يغتسل في نهر أو بركة انغمس فيها ثلاث مرات ويوصل الماء إلى جميع بشرته والشعور الكثيفة والخفيفة، ويعم بالغسل ظاهر الشعر وباطنه وأصول منابته، والمستحب أن يبدأ بميامنه وأعالي بدنه وأن يكون مستقبل القبلة، وأن يقول بعد الفراغ: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه، ويستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله، فهذا كمال الغسل. والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء وتعميم البدن شعره وبشر بالماء. ومن شرطه أن يكون البدن طاهراً من النجاسة وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة، وينبغي لمن اغتسل من إناء كالإبريق ونحوه أن يتفطن لدقيقة قد يغفل عنها وهي أنه إذا استنجى وطهر محل الاستنجاء بالماء فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة، لأنه إذا لم يغسله الآن ربما غفل عنه بعد ذلك فلا يصح غسله لترك ذلك، وإن ذكره احتاج إلى مس فرجه فينتقص وضوءه أو يحتاج إلى كلفة في لف خرقة على يده والله أعلم. ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء إلا مالك والمزني، ومن سواهما يقول: هو سنة لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل، ولم يوجب أيضاً الوضوء في غسل الجنابة إلا داود الظاهري، ومن سواه يقولون: هو سنة، فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها، ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده، وإذا توضأ أولاً لا يأتي به ثانياً، فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم.